في الملحق المرفق بهذه الرواية يقول غريغوار دولاكور بأن أعظم ثناء حصل عليه بعيد كتابة الرواية، كان عندما تقدم إليه رجل (أو ربما كانت امرأة؟) أثناء حفل توقيع وقال له: بأن الرواية ساعدته على التعامل مع والده (أو ربما والدته؟) المصابة بألزهايمر!
حسنا، لست مصابًا بألزهايمر لكي لا أتذكر جنس هؤلاء الأشخاص (مع أنني لا أستبعد إصابتي به في المستقبل) ولكنني ما عدت أثق بكاتب هذه الرواية الذي ظننت بسبب مهارته أنه امرأة. تذكرت بعد أن اكتشفت تعرضي لهذه الخدعة "الجنسوية" بخديعة مشابهة تعرضت لها في مراهقتي عندما كنت أظن بأن الشاعر المصري أمل دنقل امرأة، لا بسبب لغته بل بسبب اسمه، حتى شاهدت صورته على غلاف أحد دواوينه وحدثت نفسي (وخيبة الأمل تغرقني) قائلا: إما أن تكون أمل دنقل شاعرة بشنب أو أن تكون أبشع امرأة أشاهدها في حياتي!
هذه الرواية تتناول جملة من الأفكار البسيطة والمعقدة في آن، ورغم أن معظم من قرأها تناول فكرة التغيير الطارئ الدي يحل على المرء بفعل حصوله على جائزة ماليّة ضخمة، إلا أنني وجدت أن هذه الفكرة أقل الأفكار شأنًا بالنسبة إلى الأفكار الأخرى التي تعرضها الرواية، وبالأخص فكرتي الكذب والخداع!
ما شدني للرواية وجذبني من ياقتي لإنهائها، كان تناول الكاتب لموضوع الكذب وتأثيره على حياة من يستهلكونه!
هل الكذب هو شيء سئ في جميع الأحوال؟ ستكون الإجابة البديهية والتي ربانا عليها آباؤنا وغرسها مدرسونا في عقولنا "نعم"، فالكاذب يلقيه الله في النار كما كانت تقول أمهاتنا لنا عندما نحلف بأننا لم نتناول الآيس كريم قبل وجبة الغداء، والكذب من الذنوب التي يمقتها الله كما كان يقول رجال الدين في خطبهم ومحاضراتهم. ولكن، لو فكرنا مليًا، سنجد بأن الكذب هو الشيء الوحيد الذي يساعدنا على البقاء في هذه الحياة.. وتحملها. فكروا في ما تفعلونه وستجدون بأن الكذب يحيط بكل ما نفعله!
في الرواية، على سبيل المثال، تقوم البطلة بممارسة الكذب مع والدها المصاب بألزهايمر، الذي لا يعلم من هي ومن هو بعد ست دقائق (وهي المدة الزمنية التي يستطيع خلالها الاحتفاظ بذكرياته ). ففي كل ست دقائق تختلق له قصة يكون هو بطلها، فتارة هو مخترع عظيم حاز على جائزة نوبل، وتارة هو بطل قومي ينظر له العالم بإعجاب .. إلخ وهكذا دواليك. لولا الكذب لما استطاع والدها مواصلة الحياة أو لنقل بأن الكذب كان الوسيلة الوحيدة أمامه لمواصلة الحياة بذاكرة مثقوبة!
ولولا أنني كذبت على موظفة الطيران وأخبرتها بأن ابتسامتها فريدة من نوعها لما حظيت بمقعد بمساحة كافية لمد ساقيّ وقراءة هذه الرواية في رحلتي من كوستا ريكا إلى لوس أنجلوس!
الان مع رابط الرواية لمن يحب ان يقرأها
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]